الثلاثاء، 19 أغسطس 2025

خزائن البرق: احتجاجٌ يُضيء قلبَ العتمة!

 
خزائن البرق: احتجاجٌ يُضيء قلبَ العتمة! 

"احتجاجٌ صامتٌ على الانهيار.. كبرقٍ يخزن نوره في أَعماقِ القشور"


في زحمة الفوضى التي انسكبتْ كأمطارٍ لا تُبقي للأرض تماسكًا، بينما أنيابُ الانهيار تنقضُّ على آخرِ تماسُكٍ، لاحَ برقٌ في السماء... خيانةً للضوءِ، ليُذكِّرَ الظلمةَ أنها لم تَبرحْ عرشَها.

وفي زاويةٍ من الروح، انبعثت نغمةٌ غريبة: براعم صغيرة تُحدث شقوقًا في صمت اليأس، كهمسِ جذورٍ تنسجُ نجاةً في صخورِ اليأسِ، فتُشَقِّقُها! لا فرحًا، بل احتجاجًا صامتًا. كانت تؤكد هويتها التي وُلدت من وجعٍ قديم، من شتاءٍ لم يكن ضيفًا عابرًا، بل نسيجًا من ظلّنا.  

هنا، بين طلقاتِ المطرِ العشوائيّةِ وهدير الانهيار، وُلد حوارٌ صامتٌ: 
- الظلام يهمس: "ألا تستسلم؟"  
- والبراعم تُجيب بلا كلمات: "نحن صدى الأرض التي تختزن ضوءها تحت القشور".  

هذا الحوار لم يكن جديدًا، بل صدىً لأسئلةٍ علقت في الفراغ منذ أن تعلَّم الوجودُ أن يُراوغ العدم. كأن البراعم تُعيد تمثيل مسرحية الخلق الأولى في مختبرِ التربةِ الرطبةِ: صراخٌ ضد الصمت الكوني قبل أن تُخترع الكلمات. مشهدٌ تكرّر منذ أن قرّر أولُ غصنٍ مكسورٍ أن يصير جذرًا. 
 
وفي أعماق هذا الصراع الأزلي، وعلى الرغم من كل شيء، لم تكن هذه القشور قيودًا، بل خزائنَ سريةً للضوء المُغذَّى بمرارة التربة. وربما كان احتجاجها الصامت هو اللغة الوحيدة التي يفهمها الظلُّ المتجذِّرُ كالشتاء: لغةُ الجمر الذي يُشتبك في بطن الرماد. 

وكان هذا النبض الصامت في عمق اليأس هو السرُّ الكامن في مقاومة الكينونة النباتية: لا لتزهر فورًا، بل لتحوّل السقوط إلى جذور، واليأس إلى وقودٍ للصمود. كل غصنٍ منها يُعيد تشكيل مفهوم السقوط: فالهزيمة هنا ليست نهاية، بل رقصة وجود في عاصفة اللامعنى... استمرارٌ يُحوِّل الزمن إلى كتلةِ إرادةٍ مُجرَّدة.

هنا بالضبط، تنكسرُ قوانينُ الفيزياء: فالزمن - الذي يُقاس بالسقوط - يُعاد تشكيله ككتلةٍ من الاحتمال المتصلِّب. وكأن البراعم ترسم لنا قانونًا جديدًا: أنَّ البقاءَ ليس فعلَ جمودٍ، بل تفاعلٌ كيميائيٌّ يولد من فراغ الانهيار عُنصرًا جديدًا اسمه: إرادةُ العبور إلى الضوء.

ففي اللحظة التي تتحول فيها المقاومة إلى نفسٍ للوجود، يصير السقوط مجرد ظلٍّ للقِيَم. ليست البراعمُ دليلًا على غياب الشتاء، بل برهانًا على أنَّ الحياةَ تُعيدُ تعريف الموت كلَّ فجرٍ... بأن تخلق من عتمته برقًا داخليًّا تُشعِلُ معنى. 


جهاد غريب 
أغسطس 2025 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

خزائن البرق: احتجاجٌ يُضيء قلبَ العتمة!

  خزائن البرق: احتجاجٌ يُضيء قلبَ العتمة!  "احتجاجٌ صامتٌ على الانهيار.. كبرقٍ يخزن نوره في أَعماقِ القشور" في زحمة الفوضى التي ان...