الاثنين، 7 يوليو 2025

صوتٌ يصْعدُ من الأعماق!

 
صوتٌ يصْعدُ من الأعماق!  


سقوطٌ مفاجئٌ إلى القاعِ...
حيث تُضاءُ الجروحُ كالمصابيحِ العارية،
وتنكشفُ الحقيقةُ... كخنجرٍ معلَّقٍ في الهواء.

أُريقُ دمعي،
وأرزحُ تحت صمتٍ لا يُحتمل...
أقفُ أمام المرآة... فأرى وجهَ العالمِ يتشظّى...

من الذي أطفأ النور فينا ثم استكبر ومضى؟
من أين تسلّل هذا الانهيار... الخفي الأعمى؟
وكيف صار وجهُنا... مرآةً للعالمِ الذي تهادى؟

لكن هناك صوتًا... لا يموت.
صوتٌ يشبه العشبَ حين يرفضُ الموتَ
في الشقوقِ...

الفرارُ؟
ليس خيارًا. 

يصرخ:
"لن تكونَ القطعةُ الأخيرةَ في هذا النزف!"

أحملُ جراحي كأعلامٍ،
وأسيرُ بها نحو الأفقِ القاسي...
لأنَّ الحطامَ وحدهُ...
هو من يُعطينا حجرًا... نبني به.

ومع انكسار العالمِ من حولي،
لجأتُ إلى الزاويةِ الوحيدةِ التي لا تُنكرني:
زاويةُ الوحدةِ...
لا يطرقها سوى صوتِ الريح.

أتَعلَّمُ لغةَ الأشباح،
أطوّقُ نفسي بأسئلةٍ... لا تخافُ الجروح،
وأصبغُ صمتي بألوانِ الوعي العميق.

هنا...
في هذا الفراغِ المزهرِ بالحنين،
أصبحتُ غريبًا...
عن كل ما لم يكن أصيلًا.

وما بين سؤالٍ... وصمت،
اكتشفتُ شيئًا... يشبهني.
لم أعد ذلك الذي كان.

أنا الآن:
بوصلةُ الأسئلة،
وبرقُ الأجوبة،
وظلٌّ يُشاكسُ الشمس!

في مرآةِ ضميري،
وجدتُ وجهًا قديمًا... يحملُ كل هذه الجِدّة.
فمضيت.

ثم جاءت لحظةُ السموِّ...
لحظةُ مناجاةِ السماءِ القديمة.

تحت السماءِ العتيقة...
أرفعُ يديَّ كغصنين من النور،
وأسائلُ الريح:
"كيف تُطيقُ الفراشاتُ... ثِقلَ العالم؟"

فتهزُّ الريح رأسها... ضاحكةً:
"لأنها لا تعرفُ أنَّ الخِفّةَ... حكايةُ الأجنحة!"

وها هو الفجرُ...
يخرجُ من جُبّة الليلِ،
كالطفلِ المتعثّرِ...
يحملُ في يدهِ بذورًا...
لأشجارٍ لم تُولد بعدُ.

أنت، الذي لم تسقط رغم الكسر،
ألم تتساءل...
كيف ظلّ النورُ حيًّا فيك؟

انظر...
كلُّ هذا النورِ لم يكن...
سوى درجٍ يُصعدُكَ... إلى داخلك!

ولأن النهاية لا تليقُ بمن لم ينكسر،
بمن لم يُهزَم...
لن تكون الهزيمةُ إلا وهمًا...
عابرًا في مرآةِ الزمن.

أنت أقوى مما تظنّ.
لأن القوة الحقيقية... لا تنبتُ من السهول،
بل من الهضابِ المُكلّلةِ بالريحِ... والعناد.

امشِ...
واتركْ للجماحِ أثرًا في عينيكَ،
فالحياةُ... تخافُ من يعرف أنه لم يمت بعد!

ولأنك نهضتَ... دون ضوءٍ خارجي،
تذكّر...
لا تُصدّق أن كل سقوطٍ... هو نهاية.

فكل ارتطامٍ...
هو تذكيرٌ بأننا لا زلنا... نسقط من أجل الصعود.

أما الكرامةُ...
فتبدأ حين تُكسر في داخلك صورةُ الجبان،
وتسلّمها بيديك... للإرادة.

الكرامةُ...
ليست قمّةً نبلغها،
بل وقفةٌ لا تهتزُّ عند الهبوط.

هي تلك الخطوةُ...
التي تسبق السقطة...
وتبتسم.


جهاد غريب 
يوليو 2025 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إرْثُنا… إلى أين؟

  إرْثُنا… إلى أين؟ هذا سؤال يلامس عمق وجودنا كشعب. ففلسطين ليست مجرد أرض محتلة، بل هي هوية محفورة في جذع الزيتون العتيق، وطن يتجاوز حدود غز...