رسالة إلى من سرق قلبي... ثم نسيه في درج المطبخ!
الخيانةُ...
كعلبةِ طعامٍ منتهيةِ الصلاحية...
تفتحُها بشهيةٍ عارمة،
ثم تكتشف – متأخرًا –
أنك التهمتَ نصفها...
قبل أن تُدركَ طعمَ التعفن!
وما إن تدركَ الطعم...
حتى يبدأ الغثيان.
لا في الجسد،
بل في الذاكرة!
إنها لحظة...
تشبهُ اكتشافك أن الطاولة التي تجلسُ عليها عامرة،
لكنها مليئةٌ...
بما يُميتك ببطء.
لم تكن غبيًا حين وثقتَ بها...
فالقلوب لا تُحاسب على طيبتها،
بل على من تسللَ من خلفها خلسة،
كظلٍّ... خائفٍ من النور.
كنتَ تظنّها...
هديةَ القدر.
لكنها...
كانت كمن يُقدّم لك طبقًا من الذكريات المرّة،
على صينيةٍ من الابتسامة.
هي بارعة...
بارعة في تغليفِ السمِّ بأشرطةٍ ملوّنة
من الكلماتِ اللطيفة...
والضحكاتِ المطمئنة...
تمامًا كهدايا الأرصفة:
مغرية من الخارج...
زائفةٌ في العمق!
وأعترف...
لم أكن أتوقع أن ينتهي الحب...
مثل قسيمةِ خصمٍ منتهيةِ الصلاحية...
يُكتشف فجأة...
أنها بلا قيمة!
تحديدًا... في اللحظةِ التي تحتاجها فيها... لتنجو.
في تلك الليلة...
حين تكسّرت الحقيقة في وجهي،
كمرآةٍ قديمة...
تحوّل سريري إلى قاربٍ ورقيّ هش...
يطفو فوق محيطٍ من الشظايا الخفيّة.
أردتُ إيقاظَ قلبي... لأصرخ بها:
لماذا؟
لكنه كان قد هرب...
فرَّ إلى جيبِ سترتها،
مثل طائرٍ مذعور،
لجأ إلى أولِ مَهربٍ دافئ...
ولو كان... مزيّفًا!
أسوأ الخيانات...
حين يتواطأ قلبك مع الذي أوجعك.
في تلك اللحظة،
لم يعد لديّ من أعاتبه...
فهي خانتني،
وقلبي خانني معها.
فلم أبحث عن العزاء...
بل أردت أن أرى الصورة كاملة،
ولو تألمت.
قررتُ أن ألاحقها...
لا لأستعيدها،
بل لأفهم...
كيف يُباع الحبُّ المسروق
في أكشاكِ القهوة السريعة؟!
كيف تُطبع القلوبُ
على أكوابٍ ورقية...
تذوبُ عند أولِ دفءٍ عاطفي؟
وجدتُها هناك...
تبتسمُ لشخصٍ آخر...
بينما تمسحُ ذاكرتي بمنديلٍ ورقيّ...
وتُمحى ملامحي من عينيها
كما يُمحى اسمُ ضيفٍ زائد
من قائمةِ الحضور...
عندها فقط... فهمت:
لم أكن فصلًا في روايتها...
بل مجرّد هامش،
على طرفِ قصةٍ قصيرة...
ومن يُكتب في الهامش...
غالبًا... ما يُقلَب عليه الصفحة
دون أن يُلاحظ أحد.
والآن...
وأنا أجمعُ أشلائي
من تحت الأريكة...
– حيث تختبئ الأشياء التي لا نبحث عنها
إلا حين... نفقد أنفسنا –
أتساءل...
في داخلي:
هل كان حبُّنا
خطأً مطبعيًا في روايةِ الكون؟
أم كان مجرّد حلمٍ...
زائدٍ عن الحاجة؟
لا أدري...
لكنّي أعلم...
أنني، في المرّةِ القادمة...
سأحرص...
على ألّا أضع قلبي...
إلّا في يدٍ
تُجيد الإمساك بالقلب...
لا فتحَ علبةِ تونةٍ...
فارغة!
جهاد غريب
يوليو 2025
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق