الخميس، 3 يوليو 2025

صهيلُ الحبرِ... نارٌ على السحاب!

 
صهيلُ الحبرِ... نارٌ على السحاب!

انشقي أيتها السماوات...
واسمعي يا أرضُ!
ها هو صدى القلبِ المثقلِ
يهزُّ عروشَ الصمت!

يا ربّ...
متى تنفضُ غبارَ العقول
عن كروبِ هذا الزمانِ الأخرس؟
ما عاد في القلبِ صبرٌ...
فقد حملَ من الهمِّ
ما تئنُّ له الجبالُ الراسيات!

تهالكتْ على ظهري أحمالٌ،
كصخورِ جهنّم...
تطحنُ العظم،
وتُرهقُ الروح!

أمامي صحفٌ بكر،
ومشاعرُ كالبراكين...
تتدفّق بألفِ مشروعٍ...
لكنّ الزمان، كعادته،
يبتلعُ اللحظة...
قبل أن تولد!

أمسكُ بالقلمِ كالسيف!
أخوضُ به معركتي
ضدَّ وهمِ التأجيل،
وضدَّ الفرصِ
التي تُسرقُ كلَّ فجر! 

أكسرُ أقفالَ اللحظةِ!
أفتحُ نوافذَ المداد!
وأُطلقُ سراحَ كلماتي...
من سجنِ "ربما"،
ومن قيدِ الانتظارِ المُخجل!

أراني ذات ليلةٍ...
أُلاحقُ حروفي الهاربة بين الشقوق،
تضحكُ مني...
وتذوبُ في الهواء!

حتى قهوتي ملّت انتظاري،
فتبردُ كلَّ صباح،
قبل أن ألمسَها...
لأنني ما زلتُ أبحثُ،
عن أولِ جملةٍ تُنقذني!

أريدُها أن تصعدَ... كنارٍ على السحاب!
تُضيءُ العتمةَ في السماءِ،
كما يفعلُ نجمٌ جريحٌ...
ثم تهبطُ على قلبي،
تنقذه من الذبول!

أريدُ أن أصغي لصهيلِ حروفها،
وأصهرها في قلبِ الوجود،
حتى تُبهرَ عينيَّ،
قبل أن تُبهرَ العالمين!

نعم!
الزمنُ يناديني:
ما عاد في العمرِ بقية!
لكنني أرفضُ نغمةَ الرحيل!
أُؤمنُ... أن ربّ السماواتِ والأرض،
لا يُعطّلُ قدرًا
توقظُه نارُ الإرادة!

ستأتي تلك اللحظةُ المقدّسة...
حيث لا مجالَ للتوقّف!
وحينئذٍ... سأكتب!
سأكتبُ حتى يغيبَ القمر!
حتى ترتوي روحي
من ينابيعِ الحرفِ الباقي!

هذه...
هي معركتي الكبرى.
وسببُ نبضي... وبقائي!

لا أطلبُ من الدنيا
إلا ثلاثة:
قلبًا مطمئنًا
يرتاحُ إلى ذكرِ ربّه...

ورزقًا حلالًا
يُقيمُ أركانَ بيتي،
كما يليقُ بمؤمنٍ
يركعُ لخالقه في الظلِّ والصبح...

وثأرًا صامتًا
ضدَّ نوائبِ الدهر،
وغدرِ الأيام!

فليبكِ الجبناءُ!
أما أنا...
فدموعي تحوّلت
إلى جمرٍ في الجفون!
تستعرُ...
كلّما خانتني الأيامُ،
وصفّقت لها الحياة!

سيأتي يومٌ... لا ريبَ فيه،
أخلو فيه إلى نفسي...
لكنني...
لن أكونَ وحيدًا!
فمعي جنودي الصامتون:
كلماتٌ تحرّرتْ من الأسر،
تنامُ بين أضلعي،
كجمرٍ لم يُعلنْ عن نيرانه بعد!

كلّ حرفٍ فارس...
كلّ فاصلةٍ راية...
كلّ نقطةٍ طلقة...
في معركةٍ
لا يراها...
إلا مَن كتبَ تحتَ القصف!

أحلم بها...
تشقُّ الغيبَ كسربِ نجوم...
وترفعني إلى آفاقٍ
لا يراها إلا العظماءُ
في منامِ يقظتهم!

أعرفُ قدرتي...
ففي صدري بحرٌ من الإبداع،
يتمزّق على صخورِ الوقت،
ويغنّي... رغم النزف!

وإن ضاقتِ الممرات،
ووقف الزمنُ كالطاغية...
فستظلّ رايتي مرفوعة:
الكتابةُ... أو الموتُ... بطولة!

فليشهدِ الخلقُ كلّه:
أنا سأكتبُ!
سأُبدعُ!
سأشقُّ طريقي...
لا لأنني وُعدت،
بل لأنني خُلقتُ لأحيا بهذا الحبر،
وأموتَ واقفًا
على سيفِ الكلمة!

هذه رايتي،
وفي ميدانِ الحياة...
لن أُنزلها!

جهاد غريب 
يوليو 2025 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الذاكرة العاطفية: حين يتحول الألم إلى إدمانٍ جسدي!

  الذاكرة العاطفية: حين يتحول الألم إلى إدمانٍ جسدي! تخيّل أنك عالق داخل دائرة مغلقة. كلما حاولت الخروج، تجد نفسك تعود إلى نقطة البداية... ل...