الخميس، 10 يوليو 2025

حواشٍ... تنبض في دفتر العاصفة!

 
حواشٍ... تنبض في دفتر العاصفة!

لم تكن حروفكِ… تفسيرًا.
بل شظايا قمرٍ…
تحطَّم في قاع الظلام.

كانت تلملم ما تبعثر…
من مرايا مهشّمةٍ في قلبي…
ذاك المعلّق عند حافة العدم.

كلماتكِ…
وُلدت كطائرٍ بلا قفص،
يحمل في منقاره قلبي المكشوف…
ويقول لي:
"انظر…
هذه جروحك التي اختبأتْ في جيوبي،
وهذا الضوء الذي خنقته يداي،
وهذه الصرخة…
التي تأخرت،
حتى صارت دمعةً".

نقشتُ وجهكِ على صفحة الماء…
فإذا بالمرآة تُريني ظلًا…
يبكي تحت المطر.
ثم…
حين انهمرت دموعُ السحب،
رأيتُ آخرَ…
يرقص في عين العاصفة،
كأنما يبحث عن زهرةٍ…
في فم الإعصار.

علاقتنا؟
كنبتةٍ متشبثةٍ بصخر،
تئن تحت وطأة الرعود،
وتحاكي أوراقها…
جنونَ الفصول.
لكن…
عروقها؟
كانت تشرب من نبعٍ…
يغوص في بحيرة السراب.

يطوف شبحٌ بين حروفنا،
يُترجم صمتنا إلى متاهات،
ويحوّل الهمس إلى سكاكينَ… ورقية.

كان يختبئ…
في الفراغات بين "أحبكِ" و"أخاف"،
ينمو في ظلٍّ ترسمه أصابعنا المتعثّرة.

ذاك الكلام…
الذي احترق قبل أن يصل،
بنى من ظنوننا قلعةً هشّة،
ثم…
انهار على أنفاسنا،
فصار غبارًا يخنق الحب.

كلماتكِ…
فتحت صندوقًا مطويًّا في روحي،
فانسابت منه أحلامٌ نائمة،
ملفوفة بعباءة النسيان.

أوراق صفراء…
تحمل خرائط مدنٍ لم تُبنَ،
ورسائل بلا طوابع،
وأنغامٌ بلا آلة.

كان حلمكِ…
مفتاحًا لسرداب،
وجدتني فيه…
أقرأ نفسي بصوتٍ أعرفه من زمنٍ بعيد:
"بعض الأحلام…
لا تموت.
بل تنتظر…
قارئًا
يوقظها
من سُبات التراب".

قبضتي عليكِ…
كانت كمن يمسك بالسراب،
خوفًا من العطش.

أخاف أن تحترقي…
بنار قلبي الجامحة.
فأنا…
حارسٌ بلا ماء،
أمام لهيبٍ… لا أملك إطفاءه.

كنتُ أراكِ تحترقين من بعيد،
وأنا أرتدي ثوبَ الراقد في قاربٍ…
بلا مجاديف.
مثل سنديانةٍ…
تشهد حريقَ غابتها صامتةً.

وجودي…
كان يتحوّل إلى ظلٍّ
يثقل على خطاكِ،
كحِملِ أيامٍ لم تُختر.
فالأقربون…
يُصبحون أثقالًا،
عندما تلهث الروح.

لو كنتِ كتابًا…
لكنتِ الفصل الذي يُقرأ في المرآة.
ولو كنتِ لحنًا…
لكنتِ النوتة الغافية
تحت نايٍ دفنته الريح.

أنا أكتبكِ…
كما أتنفّسكِ.
حروفًا بلا مقياس،
كلماتٍ تبحث عن شطآن
ترتمي عليها.

لا تُصلحي ما انكسر.
ضعي فاصلةً فقط…
عند الانفجار.

اغسلي الجرح بقطرات القصيدة،
وافتحي الباب…
ربما يعود الحلمُ
حاملاً الجزء المنسيّ من روحها.

وإن لم نُكتَب معًا…
فأحيلكِ
إلى كلمة النهاية
في كتاب الكون.

كلمةٌ تُكتب بحبر الياقوت،
تلخّص كل المسافات
التي حفرتها الأوهام
بترنيمةٍ واحدة:
"هنا رقدت الفصول المتعبة،
واغتسلت الأحلام…
بماء الغفران".

سأجعل منكِ
الومضة الأخيرة
قبل أن يُطفأ المصباح…
عندما تطوي الحياة دفترها،
وتبتسم…
لغرابة هذا العبث.
كزهرةٍ…
تتفتح على شاهد قبر.


جهاد غريب 
يوليو 2025


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حرفٌ عاد ليُصبح لغة!

  حرفٌ عاد ليُصبح لغة! ولدتُ من صدأ القيود. كل كسرٍ كان مخططًا لوشم النور على جسد الزمن البائس. أجمع أشلائي كحروفٍ تتبنّى اعتراف الوجع، وأصا...