المال والصداقة: كيف تتعامل مع ديون الأصدقاء!
ما هي تجربتك مع إقراض المال؟ وكيف
تعاملت مع حالات المماطلة؟
التعامل مع شخص استدان منك ويماطل
يتطلب الحكمة والصبر، ومن المهم أن تبدأ بمحاولة فهم الأسباب خلف التأخير، فقد
تكون هناك ظروف خارجة عن إرادته.
اختر وقتاً مناسباً للتحدث معه بهدوء
ووضوح، واطرح الموضوع بطريقة مباشرة، ولكن لبقة، كأن تقول: "أحتاج المبلغ
الذي أعرتك إياه، متى يمكنني استرجاعه؟".
إذا كان هناك اتفاق مسبق بينكما،
ذكّره به دون إحراجه، وفي حال أبدى صعوبة في السداد، يمكنك اقتراح حلول بديلة
كالتقسيط أو دفع جزء من المبلغ، وإن استمر بالمماطلة، كن حازماً وأكد على حاجتك
للمبلغ في موعد محدد دون تصعيد، وفي بعض الحالات، يمكن الاستعانة بشخص وسيط لتوضيح
الأمور وحلها بود.
هذا الموقف فرصة للتعلم، فإقراض المال
يحتاج دوماً إلى تقييم الطرف الآخر وظروفه لضمان الحفاظ على العلاقات والثقة
المتبادلة.
وللخوض في تفاصيل أكثر عمقاً يمكن
القول أن تأخر سداد الديون لا يرجع فقط إلى الأسباب المالية، بل يمكن أن تتداخل معه
عوامل نفسية عميقة تجعل الوضع أكثر تعقيداً، فعلى سبيل المثال، قد يعاني المقترض من
الخوف من المواجهة، حيث يخشى طلب المساعدة، أو مواجهة الحقيقة أنه لم يستطع الوفاء
بوعوده، وهذا الخوف يمكن أن يؤدي إلى تجنب المقترض للموقف بأكمله، مما يزيد من تفاقم
المشكلة، بالإضافة إلى ذلك، قد يشعر المقترض بالذنب الشديد تجاه المقرض، وهذا الشعور
بالذنب يمكن أن يجعله يتأخر في سداد الدين كنوع من العقاب الذاتي.
الرابط بين الأسباب النفسية والمالية يظهر
بوضوح في دورة المديونية، حيث يمكن أن تؤدي المشاكل المالية إلى مشاكل نفسية والعكس
صحيح، فالضغوط المالية تؤثر بشكل كبير على العلاقات بين المقرض والمقترض، مما قد يؤدي
إلى توتر العلاقات والتسبب في المزيد من الضغط النفسي.
أما بالنسبة للحلول العملية، يمكن تقديم
نصائح لكل من المقرض والمقترض، فالمقرض يمكنه مساعدة المقترض على التغلب على مشاكله
النفسية من خلال التفهم والتواصل المستمر، وتشجيع المقترض على التحدث عن مشاكله دون
خوف من الحكم عليه، بينما يمكن للمقترض طلب المساعدة من الأصدقاء، أو المستشارين الماليين
للتغلب على شعوره بالذنب والخوف، والبدء في وضع خطة لسداد الدين بشكل تدريجي.
من جانب آخر، تختلف الثقافات في التعامل
مع الديون، وتلعب العوامل الثقافية دوراً في المماطلة في السداد، فمثلاً، في بعض الثقافات
قد يكون الحديث عن الديون مسألة عار وخجل، مما يزيد من تأجيل سداد الديون.
حينما تتعامل مع المقترض، الحفاظ على الهدوء
هو عامل مؤثر بشكل كبير في نتيجة المحادثة، فالهدوء يساعد في حل المشكلة بشكل ودي ويمنع
تفاقم التوتر، ويمكن الاعتماد على تقنيات الاسترخاء مثل التنفس العميق وممارسة الرياضة
لتهدئة الأعصاب قبل وبعد المحادثة، إلى جانب ذلك، يعتبر الاستماع الفعال لكلمات المقترض
وفهم وجهة نظره خطوة مهمة لتحقيق تواصل بناء ومثمر.
من المهم أن يتفهم المقرض الظروف التي
يمر بها المقترض، فالتعاطف يلعب دوراً كبيراً في إيجاد حلول مشتركة للمشكلة، وطرح الأسئلة
المناسبة يمكن أن يكشف عن الصعوبات التي يواجهها المقترض ويساعد في تقديم الدعم المناسب
دون اللوم أو النقد.
الثقة تلعب دوراً جوهرياً في العلاقات
المالية، فهي أساس أي علاقة مالية صحية، ولبناء الثقة بين المقرض والمقترض، يجب الالتزام
بالوعود والتواصل بشفافية، فخيانة الثقة يمكن أن تؤدي إلى عواقب وخيمة، تشمل تدمير
العلاقات وتفاقم النزاعات، لذا فإن الثقافة تلعب دوراً مهماً في تحديد مستوى الثقة
في المعاملات المالية، حيث تختلف النظرة إلى الديون والالتزامات المالية من ثقافة إلى
أخرى.
لتقليل المخاطر المرتبطة بإقراض المال،
يجب على المقرض تقييم أهلية المقترض من خلال النظر في الوضع المالي، والدخل، ومن الضروري
وضع اتفاق مكتوب يوضح شروط القرض وموعد السداد لضمان الشفافية وتفادي سوء الفهم، فالتأكد
من قدرة المقترض على السداد يقلل من احتمالات المماطلة والمشاكل المستقبلية.
الاتفاق المسبق يعتبر وسيلة فعالة لحماية
حقوق الطرفين وتجنب النزاعات، فوضع اتفاقات واضحة منذ البداية، هي خطوات أساسية لتجنب
المشاكل والنزاعات، بدلاً من التركيز على العقوبات، ويجب العمل على بناء ثقافة مالية
تعزز التعاون والتفاهم بين الأطراف، مما يعزز صحة النظام المالي ويحقق استقراره
على المدى الطويل.
أخيراً، في الحالات التي لا يمكن فيها
الوصول إلى حل ودي، قد يكون اللجوء إلى القانون الخيار الأمثل، ويجب على المقرض أن
يعرف متى يجب اللجوء إلى القضاء واتباع الإجراءات القانونية مثل تقديم شكوى، أو الاستعانة
بمحامٍ، إلا أنه يجب أيضاً مراعاة التكاليف المادية والقانونية لهذا الخيار.
جهاد غريب
ديسمبر 2024
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق