الثلاثاء، 5 أغسطس 2025

ملامحُ الأَملِ وسَترُ الغَيب!

 
ملامحُ الأَملِ وسَترُ الغَيب! 

في عتمةِ المساءِ، حين يقرعُ المطرُ بقُبَلٍ خفيفةٍ على زجاجِ النوافذ، كأن الكون كله ينصتُ لدعاءٍ صاعدٍ من أعماقِ الصَّمت. هناك، في ذلك الحيزِ الضيقِ بين الضلوع، تُولَدُ الأمنياتُ كنجومٍ تائهةٍ، تُحلِّقُ في فضاءٍ لا يعرِفُ المُحال. 

وأنتَ، أيها الحالم، لا تُصغِ لصوتِ العقلِ الحَذِر، ذاك الذي يُشبهُ حارسًا يخشى الصقيعَ، يقطفُ الأزهارَ قبل أن تتفتّح. 

ارفعْ كفَّيكَ كشجرتينِ تتشوَّقانِ للسماء، فالذي خلق السماء، يَستحي أن ترجعَ يداكَ خاليتين. إنه يُحِبُّ أن يُدهشكَ، ويُحِبُّ أن يُعيدَ ترتيبَ نجومِ الفضاء، ويفتحَ أبوابًا لم تَرها عيناكَ، ليُدخلَ نورَ أُمنيتِكَ من شقوقِ المستحيل! 

تأمَّل:
الكونُ ليس سِجنًا من قوانينَ صارمة، بل هو نهرٌ مرنٌ، يتمايلُ تحت أصابعِ الخالقِ كحريرٍ في نَسيم.
هو يسمعُك. 
يسمعُ حفيفَ أوراقِ قلبِكَ حين تهتزُّ بالتَّمنِّي.
فلا تتردَّد! 
اِملأ كفَّيكَ بالحلمِ... حتى تفيضَ. وارمِه في بَحرِ الغيب، ستراهُ يعودُ إليكَ صَدفةً تَتلألأُ بلآلئٍ لم تخلقْها يدٌ بشريَّة. 

أتراهُ مستحيلًا؟
المستحيلُ وحدهُ لا يجرؤُ على موقفِ الصادقين.
الله لا يفكِّرُ بمحدودِيَّةِ الأسبابِ، بل يَرى في عُمقِ نيَّتِك، في صدقِ دموعِك، في شوقِكَ الذي يثقُبُ السماء. 

لذلك:
حَوقِل.
وقل كلازمةٍ تحميكَ:
حسبيَ اللهُ ونِعمَ الوَكِيل.
ستجدُها مفتاحًا يدخُلُ قُفْلِ اليأسِ، فيفتَحُ عالمًا تختفي فيه الجدران. كنزٌ من كنوزِ الجنَّةِ، ورافعةٌ ترفعُ الهموم، ودافعةٌ تدفعُ السوءَ، ونافعةٌ تصنعُ من رملِ اليأسِ قصورًا. 

والآن:
أَغمضْ عينَيك...
تخيَّلْ أُمنيتَكَ كطائِرٍ من نُور..
أَطلِقْهُ.
سيعبُرُ السحابَ، ويخترِقُ الحجابَ، ويرتَمِي بثقةٍ في رحابةِ الكرِيم. 

ثم انتظِر...
ستأتيكَ الإجابةُ كرائحةِ المَطرِ قبل سُقوطِه:
خَفِيَّةً، لطيفةً، تُحيطُ بكَ مِن حيث لا تدري.
ربما تجدُها في صبحٍ هادِئٍ، أو في ابتسامةِ طِفل، أو في كتابٍ يفتحُ نافذةً جديدةً...
الله يُنشِئُ المعجزةَ من أدقِّ التفاصيل. 

أتظنُّ أن السماءَ بعيدةٌ؟
كلا!
هي تقترب كلما ارتعشتْ شفتاكَ بالدُّعاء.
فلا تستصغرنَّ حاجةً، ولا تستعظمنَّ مُرادًا.
الكونُ كله ينحني لمن يرفعُ يديهِ إلى مولاهُ.
والأرضُ تُنبِتُ أُمنياتِ الصادقينَ كزهر اللَّوزِ في قسوةِ الشتاء.


جهاد غريب 
أغسطس 2025 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

خزائن البرق: احتجاجٌ يُضيء قلبَ العتمة!

  خزائن البرق: احتجاجٌ يُضيء قلبَ العتمة!  "احتجاجٌ صامتٌ على الانهيار.. كبرقٍ يخزن نوره في أَعماقِ القشور" في زحمة الفوضى التي ان...