الاثنين، 7 أبريل 2025

هكذا تخلّقتُ من كسراتي!

 

هكذا تخلّقتُ من كسراتي!

لم أكنْ أعرفُ أنَّ الكسرَ قد يكونُ بذرةً لِما هو أقوى.. حتى صرتُ الفارسَ الذي يُمسكُ بزمام جراحه، ويحوّلها إلى دروعٍ لا تُثقَب!

 

في غمارِ الحياةِ ذاتِ الصعابِ التي لا تُحتمل، لم يكن لي نَصيرٌ ولا سَندٌ يحميني، حاربتُ وحدي.. درعًا أخيرًا لِما تبقّى مِنّي.

 

تكسرتْ أضلاعي، لكنّ الروحَ.. أبَتْ أن تنحني. فانتصَرَتْ.. جلستُ ألتقطُ أنفاسي الواهنة، أحاولُ فَهمَ الزلزالِ الذي مرَرتُ به، فإذا بساحةِ المعركةِ.. تُمطرُ فجأةً بأشباحِ الأمس، بِـ مَنْ ظننتُهم حصونًا لي.. يا للخذلانِ! لم يأتوا لإنقاذي، بل كانوا أشياعَ الظلامِ، رفاقَ الدّجى والنفاقِ.

 

تلك الوجوهُ التي غسلتُها بضوءِ ثقتي، كشفتْ اليومَ عن أفاعيها.. عن عيونٍ تُقطّرُ سُمّ الخيانة، وحين اشتعلت النيرانُ حولي، لم أبحثُ عن ماءٍ في جفونهم.. فهم - بابتساماتهم - كانوا الريحَ التي زادت اللهيبَ احتراقًا! تركتُهم ورائي.. أشباحًا تُراوح مكانها، وأمضيتُ.

 

كنتُ أظنُّ أنَّ الخذلانَ سيُنهيني.. حتى رأيتُ ظلّي - كلما تراجعتُ - يتقدّمُ بدالي! ففهمتُ أنَّ الهزيمةَ وهمٌ.. وأنَّ انتصاري كان دائمًا مخبوءًا في خطواتي.

 

لم تكن السهولُ التي مشيتُ عليها مُفْرشَةً بالورود.. كانت شظايا، ودمي سِجادتها. لكنّ روحي - كلما انحنى جسدي - كانت ترفضُ السقوطَ.. فتُولدُ من رمادها انتصارًا جديدًا!، انتصار الروح التي لم تنكسر.

 

تذكّرتُ كلَّ ابتسامةٍ زائفةٍ، كلَّ كلمةٍ حملتْ مِسْمارَ غدرٍ، كلَّ ثقةٍ دفنتُها في رمالِهم المتحركة.. فانقلبتْ عليَّ قبورًا!، في تلك اللحظةِ.. أدركتُ أنني كنتُ جيشًا لوحدي، قلعةً منيعَةً في وجهِ العالمِ الجائر، صامدًا كالجبالِ.. منتصرًا كالنسورِ!

 

لكنْ في هذا اليقينِ.. وُلِدَتْ قوةٌ جديدةٌ في قلبي، تألّقَ إيماني بنفسي، بِسيفي الذي صقلتهُ التجاربُ.. أدركتُ أنني لا أحتاجُ إلى ظهيرٍ ولا سندٍ.. فأنا الإعصارُ الذي لا يُقهَر!، ووسط العاصفة، لم أعدُ أسمعُ إلا صوتَ قلبي يهتف: "أنت الباقي"

 

اليومَ.. شعرتُ بالحريةِ تُعانقُ روحي، بالانتصارِ يُكلّلُ جبيني، بأني.. أنا! بكلِّ ما فيَّ من بأسٍ.. وإرادةٍ تُزهرُ بين ضلوعي كالسنابل!

 

لم أعدْ أصرخُ طلبًا للنجدة.. صمتِي صار سلاحًا، ووحدتي صارت حصني. تعلّمتُ أنَّ القوةَ لا تُستعارُ من أحدٍ.. إنما تُصنعُ من حدِّ اليقين في النفس!

جهاد غريب

أبريل 2025

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الرجل الذي يتحدث باسم الصمت!

  الرجل الذي يتحدث باسم الصمت! ليس كل من أمسك ميكروفونًا صار لسان مؤسسة، وليس كل من وقف أمام الكاميرا كان جديرًا بأن يُنصت له، ففي مكان ما، ...