الخميس، 10 أبريل 2025

العصف الصامت!

 

العصف الصامت!

 

دوائرُ الضوء تبدأ بقلم... قلمٌ يخترقُ السكونَ مثلَ ومضةٍ في ليلٍ طويل، لا يكتبُ حروفًا بل يشعلُ شظايا من وعيٍ جديد.

 قلمٌ واحدٌ، إذا كتبَ بصدقٍ، يمكنُه أن يبددَ ظلامًا طالَ أمده؛ حيثُ الكلماتُ ليست حبرًا على ورق، بل شراراتٌ تُنبتُ دوائرَ نورٍ، تبدأ من نقطةٍ... ثم تتسعُ حتى تملأَ الأفق. 

 القلمُ الذي يكتبُ الحقيقةَ حينَ يُخشى قولُها، ليسَ أداةً عابرةً، بل لسانٌ جديدٌ ينبضُ بالجرأة، فالجرأةُ لا تسكنُ الحناجرَ، بل تعيشُ في النوايا التي ترفضُ السكوت.

 كم من قلمٍ نَامَ في أدراجِ الخوفِ، وكم من فكرةٍ تحوّلتْ إلى غبارٍ لأنّ أحدًا لم يمدَّ يدَه ليقتلعَها من هواءِ التردد! 

 لكنّ القلمَ وحدهُ لا يكفي... لا بدَّ أن ينبضَ التغييرُ في قلبٍ يؤمنُ به قبلَ أن ينطقَ به اللسان، فالتغييرُ ليسَ دائمًا صراخًا، أحيانًا يكونُ صمتًا يشعُّ نورًا.

 وفي كلِّ لحظةٍ، هناكَ مَنْ ينتظرُ مَنْ يرفعُهُ، أو مَنْ يخلعُ عنهُ رداءَ التمنّي ويلبسُهُ جسدَ الفعل. 

 بعضُ الحروفِ كالصواعق... تُلقى في مستنقعِ السكون، فتضيءُ الوحلَ وتُنبتُ أزهارًا.

 وما أجملَ أن يُلقى الحرفُ كشرارةٍ تلامسُ الماءَ الراكدَ، فترسمُ حولَهُ دوائرَ لا تنتهي... دوائرَ تصلُ إلى الشاطئِ البعيد، حيثُ يقفُ الآخرونَ في انتظارِ الأثر. 

 وكأنّ الحقيقةَ تحتاجُ إلى نبضةٍ... تُلقى في بحيرةِ الظلمِ، فتنبتُ حولَها دوائرُ الوعيِ والدهشة! قد لا تُرى فورًا، لكنّها تُحسُّ... وتبقى.

 إنّها كلمةٌ تُقالُ في وقتِها، فتُوقظُ الساكنَ، وتُحرّكُ الراكدَ، وكأنّما الكونُ كلُّهُ كانَ ينتظرُها لِيَتنفّسَ. 

 أحيانًا، لا يحتاجُ الحقُّ إلى صراخٍ... يكفي أن تقفَ في وجهِ الخوفِ بصمتِكَ الواثقِ، وبجرأةٍ تُنطقُ بلا صوتٍ، فتقولَ كلَّ شيء، فالصمتُ حينَ يكونُ موقفًا، يكونُ أعلى صوتٍ في العالم. 

 فقط... لا تكنْ شاهدًا صامتًا. اتركْ أثرًا. حتى لو كانَ الأثرُ ذبذبةً في الهواءِ... فتذكّرْ أنَّ الأعاصيرَ تبدأُ بنسمة. 

 جهاد غريب

أبريل 2025

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الذنب والمغفرة: رحلةٌ من الظلمة إلى النور!

  الذنب والمغفرة: رحلةٌ من الظلمة إلى النور!  في أعماقِ الروح، حيثُ تُخْبِئُنا ظُلَمُ ذنوبِنا عن أنفُسِنا، تَبرُزُ التوبةُ كفجرٍ يُزيلُ بِخِ...