الخميس، 23 يناير 2025

بصمة في دروب المعرفة: حين تهمس الكتابة بنبض الروح!

 

أحاول هذه الأيام استعادة قدراتي ومهاراتي التي كانت تشع في نفسي كنجمة متلألئة في سماء الليل، رغم أنني لم أتوقف قط عن التواصل مع عالم الإعلام، حتى القراءة استبدلتها بالمحاضرات الصوتية، لأظل متصلاً بنهر المعرفة الذي لا ينضب. قال أبو الطيب المتنبي: "على قدر أهل العزم تأتي العزائم وتأتي على قدر الكرام المكارم".

 

نعلم أن التعلم المستمر والتطوير الذاتي هما نبض الحياة الذي لا يتوقف!، وتجربتي في مواصلة القراءة والكتابة رغم مشاغل الحياة تعكس إيماني بأن المعرفة هي النور الذي يبدد ظلمات الجهل، أما التكنولوجيا فقدمت لنا مفاتيح أبواب العلم، وجعلت التعلم رحلة أكثر يسراً ومتعة، فتدوين الأفكار وتطويرها أصبحا جزءًا لا يتجزأ من وجودي، ومشاركة المعرفة عبر وسائل التواصل الاجتماعي تمنحني شعورًا عميقًا بالإنجاز والسعادة.

 

لا يمر يوم دون أن أقرأ أو أكتب، فقد أصبحت الكلمة رفيقة دربي ومؤنسة وحدتي!، لدي ملف أسميه "صندوق الأفكار"، أختزن فيه كل ما يلمع في ذهني من خواطر وتأملات، لأعود إليها حينما تشتاق روحي للإبداع، لكنني ما زلت أطمع لو كان لدي متسع من الوقت في يومي، أستطيع من خلاله تحويل أفكاري إلى واقع ملموس، ومشاركتها مع الآخرين.

 

ليست المسألة مجرد تعبير عن أفكاري، بل هي رسالة أود أن أنقلها للعالم، وأشاركهم فيها ما أملك من معرفة. قال جبران خليل جبران: "إنما الفن أبو الإنسانية"، لذا أتطلع بصدق إلى ممارسة هوايتي، فربما يكون ما أقدمه نفعًا للآخرين، وعملاً صالحاً يتردد صداه في هذه الدنيا، إذ علينا أن نترك أثرًا طيبًا يعكس نفوسنا النقية، ومدى قدرتنا على التفاعل واكتساب الأفكار، فلم نعد أولئك الأطفال الذين يفتقرون إلى الفكرة أو المحتوى. الحمد لله، عندما أجلس في مجلس، لا أغيب عن الحديث والمشاركة، وأنا اليوم راضٍ عن قدراتي في مجال الكتابة.

 

اليوم، -إن شاء الله- سأحتفل بإنجاز عزيز على قلبي!، فهذا المقال هو رقم مئة على حسابي في مواقع التواصل الاجتماعي، لذا، أشعر بسعادة لا توصف وفخر يملأ كياني، هذا الحساب أعتز به، لأنه يمثل نافذتي إلى العالم.

 

الكتابة بالنسبة لي ليست مجرد حروف تُنسج، بل هي نبض القلب وصوت الروح، وفوائد التعبير عن الذات لا تُعد ولا تُحصى!، فهي تمنحنا الحرية وتُعبر عن كينونتنا الحقيقية، والشعور بالرضا عن النفس والإنجازات يضفي على الحياة بريقًا خاصًا، أسعى جاهدًا لتحقيق التوازن بين حياتي الشخصية وواجباتي العملية، مؤمنًا بأن تحقيق الذات هو أعظم الإنجازات. قال أرسطو: "السعادة هي معنى وهدف الحياة، الغاية من الوجود الإنساني برمّته".

 

أحلم بأن يكبروا أبنائي، كي نحلّق معًا في سماء الحوار والمعرفة، ونغوص في مواضيع لا حصر لها، لعلهم يستنيرون بها ويكتسبون القيم والمثل العليا. أرعى أطفالي بحب واهتمام، وأتمنى أن يصبحوا فخورين بما يحققونه!، ربما يكتشف أحدهم شغف الكتابة أو حب القراءة، وقد يكتسبون مهارات تضيء لهم طريق مستقبلهم المشرق، وأود أن يكونوا متصلين ببعضهم البعض بروابط أخوية لا تنفصم، كحبات العقد المتألقة في ضوء الشمس، سنحتفل بهم يومًا ما، ونقول بقلوب مليئة بالفرح: "لقد ربَّيْنا أبناءً صالحين".

 

عندما أتأمل الفرق بين جيلنا وجيل أبنائنا، أجد أن لكل جيل رؤيته وقيمه، لكن الشغف بالمعرفة يبقى قاسمًا مشتركًا، فاللغة هي الروح التي تسكن فينا، وهي الجسر الذي يربطنا بتاريخنا وتراثنا، والحفاظ على لغتنا الأم هو حفاظ على هويتنا وثقافتنا الأصيلة.

 

في نهاية المطاف، أتمنى أن أكون قد تركت بصمة جميلة في حياة من حولي، وأن يستمر هذا العطاء من خلال أبنائي. قال نيلسون مانديلا: "ما يهم في الحياة ليس مجرد أننا عشنا، بل الفرق الذي صنعناه في حياة الآخرين". تذكروا: الحياة رحلة قصيرة، لكن بأفعالنا النبيلة وكلماتنا الصادقة، نستطيع أن نجعلها رحلة مليئة بالأمل والمعنى.

 

جهاد غريب

يناير 2025

 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

عاشق في محراب الوحدة!

  عاشق في محراب الوحدة! أنا وحيدٌ... دائمًا وأبدًا... ها هي ذاكرتي تُطوِي نفسها كملحمةٍ مهجورة، تتنفَّس بين سطورها لوعةٌ لا تموت. ظلٌّ طويلٌ...