الاثنين، 30 ديسمبر 2024

 

شهرة السماء: مجد لا يزول!

 

ليس بالضرورة أن تكون من مشاهير التواصل الاجتماعي لتكون ذا قيمة، ولا تسعَ يا عزيزي وراء الأضواء العابرة والشهرة الزائفة في عالمٍ تذبل فيه الأوراق وتتلاشى الأسماء!، كن نجماً يضيء في سماء لا تنطفئ، حيث تتسع القلوب، وتتسامى الأرواح.

 

الأديان جميعها، على اختلاف تعاليمها، تشجع على فعل الخير وبذل المعروف، يقول الله تعالى في كتابه الكريم: "وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ" (الآية)، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "خير الناس أنفعهم للناس"، هذه التعاليم السماوية تسلط الضوء على أن القيمة الحقيقية للإنسان تكمن في أفعاله النبيلة وتأثيره الإيجابي.

 

صِل رحمك، وادعُ لأجل من أحبّوك بلا قيود، وكن لأبويكَ بلسماً يروي تعب الأيام، وأكرم جاركَ، وازرع في دروبه أزهار المعروف، ولا تدع لسانكَ ينطق إلا بالصدق، فالصدق جسر العبور نحو القلوب الطاهرة، إن مد جسور المحبة والإحسان هو السبيل لتحقيق الخلود الروحي، حيث تبقى آثارك في الدنيا حتى بعد رحيلك.

 

في عصر التكنولوجيا، بات السعي وراء الشهرة الزائفة أمراً مغرياً، لكنه يحمل في طياته مخاطر جمّة، أولها الضغوط النفسية التي يعاني منها الباحثون عن القبول الدائم عبر الشاشات، وثانيها فقدان الهوية الحقيقية وسط محاولات مستميتة لإرضاء الآخرين!، كيف يمكن لقلوب تتوق للإعجاب أن تجد السلام؟

 

الشهرة الزائفة والشهرة الحقيقية، الأولى تغذيها الأنا وتستنزف الروح، والثانية تُبنى على أسس العطاء وحب الخير، يقول الأديب جبران خليل جبران: "ليس التقدم بتحقيق الشهرة، بل بأن تترك أثراً يجعل الحياة أجمل"، فاجعل هدفك أن تكون أثراً يملأ القلوب بالطمأنينة بدلاً من أن تكون مجرد صورة تتلاشى مع الزمن.

 

السعادة الحقيقية ليست في عدد المتابعين أو الأضواء التي تُسلَّط عليك، بل في رضا النفس وطمأنينة الروح، والحياة ليست سباقاً نحو الأرقام، بل هي رحلة قصيرة تُقاس بمدى تأثيرنا على من حولنا، وهنا تأمل كلمات الشاعر إيليا أبو ماضي: "أيها الشاكي وما بك داءٌ \ كيف تغدو إذا غدوت عليلاً؟"، وتذكّر أن تحقيق السلام الداخلي يبدأ بالعطاء.

 

بادر بالخير ولو كان صغيراً، فالأثر يبقى وإن غاب صاحبه، حينها، ستجد أن مدونتك ليست فقط كلمات، بل رسائل تكتبها الملائكة، وترتفع بها روحك في السماء، وهنا يكمن المجد الحقيقي، أن تكون محبوباً عند الرحمن، وهتافاً لاسمكَ في أفق الطهر والنور!، هذا أعظم شرف يمكن أن تحققه.

 

لكل منا القدرة على أن يكون مصدر إلهام وبصمة إيجابية!، ابدأ بنفسك اليوم، وكن النور الذي يضيء دروب الآخرين، فالعطاء بلا مقابل هو مفتاح القلوب، وستجد أنك بتحقيق ذلك قد وصلت إلى أعظم أنواع الشهرة، تلك التي لا تزول، والشهرة في السماء هي الغاية التي تستحق السعي.

 

كن أنت ذلك النبع الذي يروي عطش القلوب، فستجد أن قيمتك لا تُقاس بما يراه الناس، بل بما تسجله الملائكة عند رب الناس.

 

جهاد غريب

ديسمبر 2024

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

خزائن البرق: احتجاجٌ يُضيء قلبَ العتمة!

  خزائن البرق: احتجاجٌ يُضيء قلبَ العتمة!  "احتجاجٌ صامتٌ على الانهيار.. كبرقٍ يخزن نوره في أَعماقِ القشور" في زحمة الفوضى التي ان...