الاثنين، 30 ديسمبر 2024

 

فن التعامل مع التحقيقات: حماية نفسك ومسيرة عملك!

 

هل تخاف من التحقيقات في العمل؟ تعرف على كيفية التعامل معها بثقة وهدوء.

التحقيقات في بيئة العمل أداة أساسية لضمان بيئة مهنية صحية ومنتجة، فهي تسعى إلى كشف الحقائق وحل النزاعات، إلا أنها غالباً ما تشكل مصدر قلق للعديد من الأفراد.

قد يكون الضغط النفسي والخوف من الانتقام، أو تضرر العلاقات مع الزملاء من أبرز التحديات التي تواجه الموظفين أثناء التحقيقات، لذلك، فإن القدرة على التعامل مع هذه المواقف بحكمة واحترافية ليست مجرد مهارة، بل ضرورة لحماية نفسك ومستقبلك المهني.

 

من المهم أن تدرك حقوقك كموظف أثناء التحقيق، فهذه الحقوق هي درعك القانوني والنفسي، ولديك الحق في وجود ممثل قانوني أو محامٍ إذا كان التحقيق يتطلب ذلك، بالإضافة إلى الحق في الامتناع عن الإدلاء بشهادة قد تضر بك شخصياً، ومن المهم أن تتعرف على سياسات شركتك الداخلية والإجراءات المتبعة أثناء التحقيقات، مما يمنحك ثقة أكبر عند التعامل مع هذه المواقف.

 

أما إدارة الموارد البشرية، فهي تلعب دوراً محورياً في التحقيقات، ويجب أن تكون جهة محايدة تضمن العدالة لجميع الأطراف، ويمكنك التعاون مع إدارة الموارد البشرية من خلال تقديم المعلومات بوضوح واحترام، وتقديم أي مستندات، أو أدلة تدعم موقفك، وفهم دورهم كوسيط يسعى لحل النزاع وليس تعقيده يساعدك على بناء جسور من الثقة معهم.

 

إذا طُلب منك الشهادة في قضية بين الزملاء، فإن المسؤولية الأخلاقية والمهنية تتطلب منك قول الحقيقة بصراحة وحيادية، فالشهادة ليست مجرد إجابة على أسئلة، بل هي أمانة تتطلب منك الالتزام بالوقوف على الحياد التام، ومع ذلك، فإن الحفاظ على العلاقات مع زملائك أثناء تقديم شهادتك أمر مهم، ويمكنك تحقيق ذلك من خلال التركيز على تقديم الحقائق دون استخدام عبارات تحمل تحيزاً أو لوماً لأي طرف.

 

أما أثناء التحقيق، فمن المهم الحفاظ على هدوء الأعصاب وتجنب الانفعال، لأن التوتر قد يؤدي إلى ارتباك في التعبير، أو تقديم معلومات غير دقيقة، مما قد يعقّد الأمور، ومن الأفضل دائماً التركيز على سرد الحقائق بدقة دون الخوض في تخمينات، أو تأويلات قد تُفسر بشكل خاطئ.

الاعتراف بعدم المعرفة في بعض النقاط أكثر احترافية من تقديم إجابات غير مؤكدة قد تضر بمصداقيتك.

 

إن إظهار الاحترام لجميع الأطراف أثناء التحقيق يخلق مناخاً من الثقة ويجنب خلق أجواء عدائية قد تستمر بعد انتهاء التحقيق، ومن النصائح العملية في مثل هذه الحالات توثيق أي أدلة تدعم موقفك، فالأدلة القاطعة تسهم بشكل كبير في توضيح الأمور وتقوية حججك، خاصة إذا كانت هناك تباينات في الروايات، ورغم كل التحديات التي قد ترافق التحقيقات، يجب أن نتذكر الجانب الإيجابي لها، فهي ليست مجرد عملية تصحيحية، بل وسيلة لتحسين بيئة العمل وحل المشكلات التي قد تكون سبباً في توتر العلاقات، أو انخفاض الإنتاجية، فالتعامل مع التحقيق بروح إيجابية قد يساعد في تحسين بيئة العمل وفتح قنوات حوار جديدة بين الإدارة والموظفين.

 

إن التعامل الصحيح مع التحقيقات لا يحمي سمعتك المهنية فقط، بل يحمي علاقاتك في العمل أيضاً، وعلى النقيض، فإن التعامل السلبي قد يؤدي إلى آثار مدمرة!، فالتصرف بطريقة غير مهنية، أو تقديم معلومات مضللة قد يعرضك لفقدان ثقة الآخرين، كما قد يؤدي إلى تبعات قانونية خطيرة، بالإضافة إلى ذلك، التحيز أو الانفعال قد يُفسد علاقاتك بزملائك ويؤثر سلباً على جو العمل العام، مما يجعل العودة إلى بيئة العمل الطبيعية أكثر صعوبة.

 

وفي النهاية، تُعد التحقيقات فرصة لإظهار مهنيتك ونزاهتك في أصعب الظروف، ومن خلال التحلي بالصبر والاحترافية، يمكنك تجاوز هذه اللحظات بنجاح دون الإضرار بمستقبلك أو علاقاتك.

إن الاستعداد المسبق لهذه المواقف، سواء من خلال فهم حقوقك وواجباتك، أو تعلم كيفية التعامل مع الضغوط، سيجعلك أكثر ثقة في مواجهة أي تحقيق مستقبلي.

 

التجارب السابقة تعلمنا أن الصدق والهدوء والاحترام يشكلون ثلاثية النجاح في أي موقف صعب، وكل موقف صعب هو فرصة لتعزيز الحكمة والنضج، فالتحقيقات ليست سوى صفحات في كتاب الحياة المهني، تُكتب أسطرها بحبر النزاهة وحكمة الصبر، وتُظهر قدرة الفرد على مواجهة التحديات بروح إيجابية وإرادة صادقة للتغيير والتحسين.

 

جهاد غريب

ديسمبر 2024

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

خزائن البرق: احتجاجٌ يُضيء قلبَ العتمة!

  خزائن البرق: احتجاجٌ يُضيء قلبَ العتمة!  "احتجاجٌ صامتٌ على الانهيار.. كبرقٍ يخزن نوره في أَعماقِ القشور" في زحمة الفوضى التي ان...