الاثنين، 10 مارس 2025

 

الوطن.. الحلمُ الذي لا تغيبُ شمسُهُ عن القلب!

 

الوطنُ ليس مجرد كلمةٍ تُقال، أو رسمٍ على خارطةٍ يَظهر، بل هو نبضٌ في الصدورِ، وحكايةٌ متجددةٌ في ذاكرةِ الأجيال، هو التاريخُ الذي لا يمحوهُ الزمنُ، والهويةُ التي لا تبهتُ ألوانُها مهما تعاقبت العصور!، في كلِّ جيلٍ تنبضُ الأرواحُ بعشقِ الوطنِ، تحملهُ أمانةً في القلبِ والعقلِ، تماماً كما حملهُ من سبقونا، أولئكَ الذينَ بذلوا أرواحَهم وسكبوا عرقَهم لتظلَّ الأرضُ شامخةً، والرايةُ عاليةً لا تُنكَّسُ أبداً، ونحنُ اليومَ لا نختلفُ عنهم، نحملُ الحلمَ ذاته، ونرسمُ بخطواتِنا ملامحَ مستقبلٍ أكثرَ إشراقاً، نُطوّرُ ونُعمّرُ ونجعلُ من كلِّ حجرٍ نضعُهُ امتداداً لإرثٍ خالدٍ، ومن كلِّ جهدٍ نبذلهُ جسراً يُوصلُ الوطنَ إلى آفاقٍ أرحب، فالوطنُ ليس مجردَ مساحةٍ نعيشُ عليها، بل هو الامتدادُ العاطفيُّ والروحيُّ الذي يتغلغلُ في أعماقِنا، وهو الحكايةُ التي لا تنتهي.

 

الوطنُ هو مشاركةُ الأفراحِ التي تُزهرُ في صباحاتِنا، وتقاسمُ الأحزانِ التي تئنُّ في لياليِنَا، هو ذلكَ الحضنُ الذي يتّسعُ للجميعِ دونَ تفرقة، حيثُ تتلاقى الثقافاتُ وتتناغمُ الأعراقُ في نسيجٍ واحد، لا يمزِّقهُ اختلافٌ ولا يُضعفهُ تنوعٌ، بل يزيدُهُ ثراءً ويشعلُ في أرواحِ أبنائهِ شغفَ الإبداعِ والابتكارِ. أليسَ الوطنُ هو الذي تنبعُ منهُ الفنونُ العريقةُ، ويُبدعُ فيهِ الأدباءُ والشعراءُ، فيجعلونَ من حروفِهم قلاعاً تحمي هويتَهُ وتراثَه؟ قالَ الشاعرُ محمود درويش: "ليسَ وطني دائماً على حق، ولكني لا أستطيعُ أن أمارسَ حقّي الحقيقي إلا في وطني."

 

الوطنُ بذلُ الأرواحِ دون تردد، وإخلاصٌ لا يعرف الزيف، وحبٌّ يضربُ بجذورهِ في أعماقِ القلوب، وانتماءٌ تتنفسُهُ الأرواح، وأمانةٌ تتوشحُها الضمائرُ في كل خطوة، وهو الأمانُ الذي لا يعادلهُ شيء، حيثُ نشعرُ أننا في كنفِ أرضٍ تحمينا، وجدرانٍ تصدُّ عنّا الرياحَ العاتيةَ، هو ذلكَ الشعورُ العميقُ بالأمانِ الذي يُظلِّلُ ليالينا، ويمنحُنا الطمأنينةَ حينَ تضطربُ الدنيا، ومتى كانَ الإنسانُ بلا وطن، كانَ كالسفينةِ بلا ميناء، تائهاً في بحرِ الضياعِ بلا شراع.

 

الوطنُ هو قصصُ الإنسانيةِ بكل تفاصيلها الدقيقة، وذاكرةُ التاريخِ الذي خطَّ أمجادهُ بالجهدِ والعطاء، وهو الصمودُ حينَ تشتدُّ الرياح، وهو الشفافيةُ التي تزرعُ الثقةَ بين المواطنِ ومؤسساتِ الدولة، وهو العدلُ الذي تُقامُ عليهِ حياةٌ كريمة، والثقةُ التي تُظللُ العلاقاتِ النقية، وهو المكانُ الذي نحلمُ فيهِ بتحقيقِ التنميةِ والازدهارِ، نبني فيهِ المستقبلَ، ونزرعُ فيهِ أحلامَنا لتُثمرَ إنجازاتٍ عظيمة، فكلُّ حجرٍ يُوضع، وكلُّ فكرةٍ تُبنى، وكلُّ يدٍ تعملُ بصدقٍ وإخلاصٍ، إنما هي امتدادٌ للحلمِ الذي نحملهُ في قلوبِنا.

 

الوطنُ شعورٌ عميقٌ بالانتماءِ إلى جذورٍ متشابكةٍ، لا تقوى الأيامُ ولا السنينُ على تفكيكها، وهو حلمٌ مشتركٌ يُسافرُ في أعينِ أبناء الوطنِ نحوَ غدٍ أكثر إشراقاً، وهويةٌ أجيالٍ لم تعرفْ أرضاً سواها، نشأوا وترعرعوا في حضنها، وعاشوا تفاصيلَ حياتهم تحتَ سمائها، هو الذكرياتُ التي لا تمحى، وهو الماضي الذي نحملهُ في قلوبِنا كأغنيةٍ عذبة، نعودُ إليها في كلِّ مرةٍ يهاجرُ الحنينُ بنا بعيداً، وكما قيل: "الوطنُ هو الحلمُ الذي لا تغيبُ شمسُهُ عن القلبِ، والمسافةُ التي تظلُّ الروحُ تقطعُها وإن ابتعدتِ الأقدام". هكذا هو الوطن، سماءٌ لا سقفَ لها، ومساحةٌ لا يحدُّها إلا الحلم.

 

الوطنُ هو النسيجُ الاجتماعيُّ بكل ألوانِهِ وأطيافِهِ، حاضنٌ لأبنائِهِ، وهو نشأةٌ مبنيةٌ على أسسِ الحبِّ والانتماءِ، وعلى قيمٍ راسخةٍ تُنبتُ في الأجيالِ روحَ التآخي والتكاتف، الوطنُ ليس مجرد قوانينٍ تُسن، بل هو شبكةٌ من الروابطِ الإنسانيةِ والاجتماعية، ومصنعٌ للقيمِ التي نتمسكُ بها ونفتخر، وكلُّ مواطنٍ هو حجرُ أساسٍ في بناءِ هذا الصرحِ العظيم، فالوطنُ ليس مكاناً نعيشُ فيهِ فحسب، بل مسؤوليةٌ نتحمّلُها، وواجبٌ نحملهُ على عاتقِنا، فلا يكفي أن نحبهُ بالكلمات، بل يجبُ أن نترجمهُ بالأفعالِ، وأن نسعى بكلِّ جهدٍ لنكونَ لبناتٍ صالحةً في جدارِه المتين.

 

الوطن هو الحلمُ الذي نحملهُ في قلوبِنا، وهو النبضُ الذي لا ينقطع، مهما تبدلتِ الأيامُ وتعاقبتِ الفصول، هو تلكَ القصيدةُ التي لا تنتهي أبياتُها، والروايةُ التي يكتبُها الزمنُ بحبرِ الأملِ والكفاح. هو السكونُ حينَ تضجُّ الحياةُ بالصخب، وهو العودةُ حينَ تقسو علينا الأيامُ بالغربة، هو ذلكَ الشعورُ العميقُ بالانتماءِ الذي لا يهتزُّ رغم المسافات، هو الذكرياتُ التي تسكنُ في وجدانِنا مهما تبدلت الأماكنُ والوجوه. الوطنُ ليس مجرد أرضٍ نعيشُ عليها، بل هو كيانٌ نحملهُ في أرواحِنا، نكبرُ بهِ ويكبرُ فينا، وهل هناكَ أحنُّ من الوطنِ حينَ نعودُ إليهِ بأرواحٍ أنهكها الترحالُ، فنجدُهُ فاتحاً لنا ذراعيهِ، يُعيدُ إلينا الدفءَ الذي افتقدناه؟ نعم، إنه وطنُك الغالي، فاحملْهُ في قلبِك أينما كنتَ، واصنعْ فيهِ مجدَك، واجعلْهُ قصةً تتناقلُها الأجيالُ بكلِّ فخرٍ واعتزاز، لأنَّ الوطنَ لا يُعرَفُ بحدودِهِ، بل بالقلوبِ التي تنبضُ حبّاً لهُ وتبذلُ في سبيلهِ أغلى ما تملك!، الوطن ليس مكاناً نعيشُ فيه، بل روحٌ تسكنُ فينا.

 

جهاد غريب

مارس 2025

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

على مرمى شُعلة: ملحمة العابر بين العواصف!

  على مرمى شُعلة: ملحمة العابر بين العواصف!  لا تُنبت الحياة أزهارها إلا في تربة مختبرة، كأنها تقول لك: "إن كنت موجودًا، فلتثبت ذلك...